للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرهم من قولهم: لعمري ولعَمرك، فالظاهر أنهم رأوا العَمر بمعنى العبادة، ثم قصدوا به المعبود، من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول، كقولهم: فلان عدل رضى، أي: مرضي.

فأما قولهم: (لعمر الله) فإن صح عمن يُعْتَدُّ بقوله فكأنه قصد بالعَمر البقاء، كما يقوله بعض أهل اللغة، وبقاء الله صفة له، فلا يكون القَسَمُ بها قسمًا بغير الله.

ثم رأيت هذا المعنى؛ فقد ترجم له البخاري: «باب قول الرجل: لعمر الله، قال ابن عباس: لعمرك: لعيشك»، ثم ذكر ما قاله أسيد بن حضير في حديث الإفك: «لعمر الله لنقتلنه» (١).

وقال الحافظ في الفتح: «وقال أبو القاسم الزَّجَّاج (٢): العمر الحياة، فمن قال: لعمر الله كأنه حلف ببقاء الله (٣) ...

ومن ثم قال المالكية (٤) والحنفية (٥): تنعقد بها اليمين؛ لأن بقاء الله من صفة ذاته.


(١) البخاريّ، كتاب الأيمان والنذور، باب قول الرجل: لعمر الله، ٨/ ١٣٥، ح ٦٦٦٢. [المؤلف]
(٢) كذا في الأصل وفتح الباري، والصواب: الزجَّاجيّ. وهو العلّامة النحويّ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيّ، نسبةً إلى شيخه أبي إسحاق الزجَّاج، من مصنّفاته: الجُمَل في النحو، ت ٣٣٩ هـ. الأنساب ٦/ ٢٥٦، إنباه الرواة ٢/ ١٦٠، بغية الوعاة ٢/ ٧٧.
(٣) انظر: الجمل ص ٧٤.
(٤) النوادر والزيادات ٤/ ١٦.
(٥) الهداية شرح البداية ٢/ ٧٤، البحر الرائق ٤/ ٣٠٨.