للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي كان يزعم المشركون أنهن الملائكة، ثم أُطْلِقَتْ هذه الأسماء على الأصنام؛ لأنها تماثيل لتلك الإناث (١).

ولم يُفَرَّقْ في الأحاديث بين مَنْ قصد باللات والعزى الأصنامَ ومَنْ قصد الإناث الخياليات، ومَنْ قصد الملائكة على قياس ما تقدَّم (٢) في توجيه رواية: «تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترجى»، فَعُلِمَ من عدم التفرقة أنه لا فرق.

وهذا مع ما تقدَّم في ذكر الحلف بالمسيح ومع عموم النصوص أن الحلف بغير الله شرك، وما حقَّقناه أنَّ القَسَم من الضرب الأول عبادة, كلُّ ذلك واضح في أنَّ الحلف بالملائكة والأنبياء والصالحين كالحلف بالكعبة.

فأمَّا ما جاء عن بعض الحنابلة في صحة القَسَمِ بالنبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (٣)، فإن كان إنما أراد أنَّ من أقسم بالنبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم تلزمه الكفارة تغليظًا، كما يقوله الحنفية والحنابلة فيمن نذر معصية أنَّ عليه كفارة يمين، مع قولهم: إنَّ نذر المعصية حرام أو كفر، بل قال الحنفية: إنَّ من حلف باللات والعزى والأصنام تلزمه الكفارة، قالوا: لأنَّ الله تعالى أوجب في الظهار الكفارة؛ لكون الظهار منكرًا من القول وزورًا، والحلف بالأصنام كذلك. وإنما خصَّ هذا القائل النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لأنه لعلوِّ درجته يُخْشَى على الناس الغلوُّ فيه.


(١) انظر ص ٧٠٨.
(٢) انظر ص ٥٨٨ - ٥٩٠.
(٣) انظر: المحرر في الفقه للمجد ابن تيمية ٢/ ١٩٧.