أقول: إن كان أراد ذلك القائل هذا المعنى فله وجه، وإن كان أراد أن القَسَمَ [٧٢٦] بالنبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم جائز، فَزَلَّةُ عالم؛ إذ لا يُعْلَمُ له سلطان على ذلك.
وكذا ما نقله الحافظ في فتح الباري عن ابن المنذر أنه قال:«اختلف أهل العلم في معنى النهي عن الحلف بغير الله، فقالت طائفة: هو خاصٌّ بالأيمان التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيمًا لغير الله تعالى، كاللات والعزى والآباء، فهذه يأثم الحالف بها ولا كفَّارة فيها. وأما ما كان يؤول إلى تعظيم الله، كقوله: وحقِّ النبيِّ والإسلام والحج والعمرة والصدقة والعتق ونحوها مما يراد به تعظيم الله والقربة إليه فليس داخلًا في النهي. وممن قال ذلك: أبو عبيد وطائفة ممن لقيناه، واحتجوا بما جاء عن الصحابة من إيجابهم على الحالف بالعتق والهدي والصدقة ما أوجبوه، مع كونهم رأوا النهي المذكور، فدلَّ على أن ذلك عندهم ليس على عمومه؛ إذ لو كان عامًّا لَنَهَوْا عن ذلك ولم يوجبوا شيئًا».
قال الحافظ عقبه:«تعقبه ابن عبد البر بأن ذِكْرَ هذه الأشياء وإن كان بصورة الحلف فليست يمينًا في الحقيقة، وإنما خرج على الاتِّساع، ولا يمين في الحقيقة إلا بالله»(١).
أقول: المرويُّ عن الصحابة في العتق والهدي والصدقة إنما هو فيمن قال: كلُّ مملوك لي حرٌّ وإبلي هديٌ ومالي صدقة إن فعلت كذا، ونحو ذلك من صيغ الالتزام المعلَّقة، وذلك من باب النذر وهو الذي يسميه الشافعية