فيه. وقد أورد المؤلف الآيات والأحاديث والآثار الواردة في ذلك، وذكر أن الأشعري رجع عن الخوض فيه إلى مذهب السلف، وكذا غيره من أكابر المتكلمين. ولكن بعدما تمزَّقت الجامعة الإسلامية سلكت كل فرقة مذهبًا، وحصل الاختلاف الذي ورد النهي عنه، والتنازع والفشل الذي حذَّر الله ورسوله منه.
أما الفروع فقد جاء الإسلام فيها بما يمنع الاختلاف، وهو ردُّ ما اختُلف فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله، ولكن البلاء دخل على المسلمين من هذه الجهة أيضًا، بحملهم على تقيُّد كل فرقة منهم بمذهب مخصوص، مع الإعراض عن أدلة الحق ونصوصه من الكتاب والسنة، وآل بهم الأمر إلى العصبية المنهي عنها، فصار كلُّ أحد يتعصب للمذهب الذي ينتمي إليه ويقدح فيما عداه. وهكذا تجزأت العصبية الدينية.
وبعد هذا التمهيد الذي قرَّر فيه معنى السنة والبدعة حدد ستة مباحث تتعلق بمسائل من العقيدة والتوحيد تكلم فيها عن حكم هذه المسائل بالدليل والحجة وما يجوز منها وما لا يجوز، وناقش المخالفين وفنَّد أدلتهم وشبهاتهم.
البحث الأول: البناء على القبور
لم يصلنا من هذا البحث إلا مسوّدته، وهذا ظاهر من خلال سياق المؤلف للأحاديث بأسانيدها ــ على خلاف عادته ــ. وأيضًا نقص المادة العلمية في البحث، فأكثر البحث في سرد الروايات وتلخيصها. وقد تكلم المؤلف على هذه المسألة في مؤلَّف مفرد حافل سماه «عمارة القبور في الإسلام» وهو مطبوع ضمن هذه الموسوعة، فليراجع.