بعضهم، فإنها من السنة. وقد أطال الكلام في بيان ذلك.
ثم ذكر أن اختراع قواعد اللغة العربية صالح لأن يكون من النوع الأول، فإن الناس محتاجون إلى اللغة في أمور دنياهم، وأن يكون من النوع الثاني، فإن الدين محتاج إلى معرفة اللغة، وعلى هذا فهو من الوسائل.
وفي ضوء ما ذكر شرح معنى الحديث المشهور:«من سنَّ في الإسلام سنةً حسنةً فله أجرها ... »، وبيَّن أن المراد بالسنة فيه معناها اللغوي، أي من عَمِل في الإسلام عملًا حسنًا يتبعه فيه الناس، كما يدل عليه سبب الحديث. ثم ذكر أمثلةً من المخالف الموجود من أول الإسلام: شرب الخمر ودعوى الجاهلية والنياحة، وبيَّن أن من المخالف المبتدع غلوُّ بعض الفرق بالخوض في آيات الصفات إلى صريح التشبيه، أو تأويل ما ورد في الكتاب والسنة منها، وردَّ على من يرى ضرورة الخوض في علم الكلام لإبطال شبه المبتدعة، ويجعله من القسم الأول من النوع الثاني مثل جمع القرآن ونحوه. وقرَّر أن جميع البلايا التي فرَّقت أهل الإسلام ومزَّقت شملهم ناشئة عن سببين:
أحدهما: الخوض في آيات الصفات وأحاديثها، والرغبة في إدخالها تحت القوانين الفلسفية.
والثاني: إحياء ما أماته الدين من العصبيات القومية.
وقد حرص الشارع على بقاء دين الإسلام دينًا واحدًا لا اختلاف ولا افتراق فيه، ولما كان الاختلاف في الدين قد يكون في الأصول وقد يكون في الفروع، جاء الشرع بمنع الخوض في الأصول، بل ما كان منها ظاهرًا فأمره واضح، وما كان بخلاف ذلك فالواجب الإيمان به فقط دون الخوض