قال الشوكاني في رسالته "القول المفيد"(١) ما لفظه: "لا نطلب من كل فردٍ من أفراد العباد أن يَبلغ رتبة الاجتهاد، بل المطلوب هو أمرٌ دون التقليد، وذلك بأن يكون القائمون بهذه المعايش والقاصرون إدراكًا وفهمًا كما كان عليه أمثالهم في أيام الصحابة والتابعين وتابعيهم، وهم خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، وقد عَلِمَ كلُّ عالم أنهم لم يكونوا مقلدين، ولا منتسبين إلى فردٍ من أفراد العلماء، بل كان الجاهل يسأل العالم عن الحكم الشرعي الثابت في كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فيفتيه به ويرويه له لفظًا أو معنًى، فيعمل بذلك من باب العمل بالرواية لا بالرأي، وهذا أسهل من التقليد، فإن تفهُّم دقائق علم الرأي أصعب من تفهُّم الرواية بمراحل كثيرة ... " إلخ.
* قال المقلِّدون: الكلام معكم في مقامين:
الأول: قولكم "بل المطلوب ... " إلخ، إن أردتم أنه يلزم عوامَّ اليوم أن يشتغلوا بطلب العلم حتى يساووا عوامَّ الصحابة والتابعين، فهذا هو المشقة التي لأجلها عدلتم عن القول بوجوب بلوغ رتبة الاجتهاد، بل المجتهد اليوم لا يستطيع أن يبلغ هذه الدرجة، لأن عوامَّ ذلك القرن كانت علوم اللسان جميعها ملكةً لهم بدون طلبٍ ولا تكلف.
وإن أردتم أن يكونوا بحيث إذا فُسِّرت لهم الآية من كتاب الله تعالى تفسيرًا بلغتهم أو تُرجِم لهم الحديث فهموه، فالناس جميعًا هكذا.