[ص ٥٩] ثم ينظر في الحديث الأول على نحو ما تقدم، حتى يُقرِّر هل فيه دلالةٌ على أن الماء ينجس أو لا؟ وما تقرَّر له في ذلك حفِظَه. ثم يَعمِدُ إلى حديث القلَّتين، فينظر أولًا في إسناده، فإن ظهر له أنه صالح للاحتجاج به نظر فيه على نحوٍ مما تقدم. ونظر في الآثار تحديدَ القلتين، ونظر هل فيه دلالة على أن ما دونهما يتنجس بمجرد الملاقاة أو لا؟ وما تقرر له في ذلك حفظه. ثمَّ وجَّه نظره إلى حديث بئر بضاعة على نحو ما ذُكِر، وهل فيه دلالةٌ على أن الماء لا ينجس أو لا؟ وما تقرر له منه حفظه أيضًا. ثم في حديث أبي قتادة على نحو ذلك، وهل في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:"إنها ليست بنجس" دلالةٌ على أن الماء ينجس بمجرد الملاقاة أو لا؟ ثم في حديث أبي سعيد على المنوال المذكور، وهل في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:"لها ما حملتء في بطونها، ولنا ما غَبَرَ، طهور" دلالةٌ على أن الماء لا ينجس أو لا؟ ويحفظ ما تقرر له. ثم في حديث "الصحيحين": "إذا شرب الكلبُ ... " إلخ، وهل فيه دلالةٌ على أن الماء ينجس بمجرد الملاقاة أو لا؟ ويحفظ ما ظهر له. ثم ينظر في غير ذلك من الأحاديث التي يمكن أن يكون فيها دلالة على المسألة على السبيل المشروح.
وبعد استيفاء الأدلة جميعًا ينظر ما بين المحفوظات، فيعمل بمقتضى اجتهاده، فيخصِّص عامَّها بخاصِّها، ويحمل مطلَقها على مقيَّدها، ويجمع بين المتعارضين منها. فإن لم يمكن الجمع نظرَ هل ثَمَّ دليلٌ على كون أحدهما منسوخًا، فإن لم يجد ذلك رجع إلى الترجيح، حتى يتقرر له وجهٌ واحدٌ هو الحكم الذي يجوز لك العمل به.