للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلى الله عليه وآله وسلم قومًا يتدارؤون في القرآن، فقال: "إنما هلك مَن كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضَه ببعضٍ، وإنما نزل كتابُ الله يُصدِّق بعضُه بعضًا، فلا تكذِّبوا بعضَه ببعضٍ، فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتم فكِلُوه إلى عالمه". رواه أحمد وابن ماجه (١).

وفي "صحيح مسلم" (٢) عن عبد الله بن عمرو قال: هجَّرتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومًا، قال: فسمع أصواتَ رجلين اختلفَا في آية، فخرج علينا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يُعرَف في وجهه الغضبُ، فقال: "إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب".

ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلًا جاء يسأله مستشكلًا لشيء من كتاب الله تعالى، فضربه بالدِّرة ضربًا مُوجِعًا، ونفاه وأمر بأن يُهْجَر، فمكثَ ذلك الرجل إلى أن مات لا يكلِّمه أحد (٣).

وعلى هذا مضى التابعون، فقال مالك (٤) لمن سأله عن الاستواء: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، وأنت رجلٌ مبتدع.

وقال هو أو غيره لمن سأله عن شيء من ذلك: أنا على يقينٍ من ديني


(١) "مسند أحمد" (٦٧٤١) وابن ماجه (٨٥). وإسناده حسن.
(٢) رقم (٢٦٦٦).
(٣) هو صَبيغ بن عِسْل، وقصته مع عمر مشهورة رُويت من طُرق مختلفة، انظر "سنن الدارمي" (١٤٦، ١٥٠)، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي (ص ٦٣٤ - ٦٣٥)، و"تاريخ دمشق (٢٣/ ٤١١ - ٤١٣)، و"الإصابة" (٥/ ٣٠٦ - ٣٠٨).
(٤) انظر "حلية الأولياء" (٦/ ٣٢٥، ٣٢٦) و"سير أعلام النبلاء" (٨/ ١٠٠، ١٠١).