للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنتَ شاكٌّ، فاذهبْ إلى شاكٍّ مثلِك فخاصِمْه (١).

وقد كثر النقلُ عن الإمام الشافعي في النهي عن الكلام، ومن معين قوله: "لأن يأتي العبد ربَّه يومَ القيامة بكلِّ ذنبٍ ما خلا الشركَ خيرٌ له من أن يأتيه بشيء من الكلام" (٢). ومنه: "إذا سمعتَ الرجل يقول: الاسم عينُ المسمَّى أو غير المسمَّى فاعلم أنه من أهل الكلام، ولا دينَ له" (٣).

وأما الإمام أحمد فشأنه في ذلك مشهور، وقد هجرَ الحارثَ المحاسبي لخوضه في الكلام (٤).

وقد رجع الأشعري عن الخوض فيه إلى مذهب السلف، كما أبانَه في كتابه "الإبانة"، وكذلك الغزالي كما شرحه في كتابه "الإلجام"، وكذا إمام الحرمين والرازي كما نقله الذهبي في "النبلاء" (٥). ولكنه ــ ويا للأسف ــ[ص ٩] بعد أن تمزَّقت الجامعة أيدي سبأ، وسلكتْ كل فرقةٍ من الفرق مذهبًا، وحصل الاختلافُ الذي نهى الله ورسولُه عنه، والتنازع والفشل الذي حذَّر الله ورسوله منه.

وغاية الأمر أنه حفظ الله تعالى على بعض هذه الأمة الحقَّ، كما بشَّرَ به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله فيما رواه معاوية بن قرَّة عن أبيه قال:


(١) انظر "الإبانة" لابن بطة (١/ ٤٠٤، ٢/ ٥٠٩). وهو قول مالك أيضًا.
(٢) انظر "آداب الشافعي ومناقبه" (ص ١٨٧) و"حلية الأولياء" (٩/ ١١١)، و"مناقب الإمام الشافعي" للبيهقي (١/ ٤٥٢).
(٣) "مناقب الإمام الشافعي" (١/ ٤٠٥).
(٤) انظر "تاريخ بغداد" (٨/ ٢١٥، ٢١٦).
(٥) انظر (١٨/ ٤٧١ - ٤٧٤، ٢١/ ٥٠١).