للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعلم أننا عَمِلنا هذه الأعمال مخلصين لك، فأنْجِزْنا وَعْدَك للمخلصين بتفريج كروبهم، وكشف ما نزل بهم، وإجابة دعائهم.

قال الحافظ في «الفتح» (١): [٢٢٢] «وفي هذا الحديث استحباب الدعاء في الكرب، والتقرب إلى الله تعالى بذكر صالح العمل، واستنجاز وعده بسؤاله. واستنبط منه بعضُ الفقهاء استحباب ذكر ذلك في الاستسقاء، واستشكله المحبُّ الطبري لما فيه من رؤية العمل، والاحتقارُ عند السؤال في الاستسقاء أولى؛ لأنه مقام التضرُّع. وأجاب عن قصة أصحاب الغار بأنهم لم يستشفعوا بأعمالهم، وإنما سألوا الله تعالى إن كانت أعمالهم خالصةً وقُبِلت، أن يجعل جزاءها الفرجَ عنهم، فتضمّن جوابه تسليم السؤال لكن بهذا القيد، وهو حسن.

وقد تعرّض النوويُّ لهذا فقال في «كتاب الأذكار» (٢) في باب دعاء الإنسان وتوسّله بصالح عمله إلى الله، وذَكَر هذا الحديث، ونقل عن القاضي حسين وغيره استحباب ذلك في الاستسقاء، ثم قال: وقد يقال: إن فيه نوعًا من ترك الافتقار المطلق، ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أثنى عليهم بفعلهم، فدلّ على تصويب فعلهم.

وقال السبكيُّ الكبير: ظهر لي أن الضرورة قد تُلجئ إلى تعجيل جزاء بعض الأعمال في الدنيا، وأن هذا منه، ثم ظهر لي أنه ليس في الحديث رؤية عمل بالكلية، لقول كلٍّ منهم: «إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء


(١) (٦/ ٥٠٩ - ٥١٠).
(٢) (ص ٣٩٨).