وجهك». فلم يعتقد أحدٌ منهم في عمله الإخلاص، بل أحال أمرَه إلى الله، فإذا لم يجزموا بالإخلاص فيه مع كونه أصلح أعمالهم فغيره أولى، فيستفاد منه أن الذي يصلح في مثل هذا أن يعتقد الشخص تقصيره في نفسه ويسيء الظنّ بها، ويبحث على كل واحد من عمله يظن أنه أخلص فيه، فيفوّض أمرَه إلى الله، ويعلّق الدعاءَ على عِلْم الله به، فحينئذٍ يكون إذا دعا راجيًا للإجابة خائفًا من الردّ.
فإن لم يغلب على ظنّه إخلاصُه ولو في عملٍ واحد، [فليقف عند حدِّه]، ويستحيِ أن يسأل بعمل ليس بخالص. قال: وإنما قالوا: ادعوا الله بصالح أعمالكم في أول الأمر، ثم عند الدعاء لم يطلقوا ذلك، ولا قال واحد منهم: أدعوكَ بعملي، وإنما قال: إن كنتَ تعلم ثم ذكر عمله. انتهى ملخّصًا. وكأنه لم يقف على كلام المحبّ الطبري الذي ذكرته فهو السابق إلى التنبيه على ما ذكر، والله أعلم». اهـ.
والحق ما اختاره الحافظ وصدَّر به بقوله:«التقرب إلى الله تعالى بذكر صالح العمل، واستنجاز وعده بسؤاله». [٢٢٣] وقول المحبّ الطبري: إنهم لم يستشفعوا بأعمالهم، وإنما سألوا الله إن كانت أعمالهم خالصة وقُبِلت= حقّ لا شك فيه. وأما قوله:«أن يجعل جزاءها الفرج عنهم»، فكأنه ظهر له ذلك من قولهم:«فلْيدْعُ كلّ رجلٍ منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه» وسائر الروايات موافقة لهذه في إطلاق الدعاء بالعمل، ولكن لا يخفى أن الدعاء إنما يكون حقيقة بالكلام ومِن المحال أن يكون بالأعمال التي انقضت بوقتها، فلابدّ من تقدير مضاف، فَلْنقدِّر (ذِكْر) كأنهم قالوا: فليدع كل رجلٍ منكم بذكر ما يعلم ... إلخ. فقد دعوا الله بذكر أعمالهم.