كنتِ نذرتِ فاضربي وإلا فلا» فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، ثم قعدت عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسًا وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلتَ أنتَ يا عمر ألقت الدُّف» رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
أقول: والآثار الواردة في النذر تدل أنَّه يلزم فيما عدا المعصية، وما لا يُطيقه أو كان فيه مشقة شديدة، فيدخل في هذا نذر المباح، وخلاف الأَوْلى بل المكروه فيما يظهر. ففي «سنن أبي داود» عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينحر إبلًا ببوانة، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟ » قالوا: لا، قال:«فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ » قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم».
وأنت خبير أن السفر إلى بوانة ــ على فرض كون الرجل لم يكن ساكنًا بها وهو الظاهر ــ فيه لولا النذر إتعاب للنفس لغير غرضٍ شرعيّ، وهذا لا يبعد أن يكون مكروهًا. ثم إن العدول عن نحر الإبل في الحرم خلاف الأولى، ولاسيّما والصدقة على فقراء الحرم أولى من الصدقة على فقراء بوانة.
وحديثُ السوداء ظاهر في أن الفعل الذي نذَرتْه منهيّ عنه، لولا النذر؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«وإلا فلا». أي: وإن لم تكوني نذرت