للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان عالمًا بالتعبير أو يسأل عالمًا به.

وينظر حركة الرائي مع تلك الصورة مِن أدبٍ واحترام وغير ذلك، بحسب ما يصدر منه من معاملته لتلك الصورة، فإنها صورة حقّ من كل وجه، وقد يشاهد الروح الذي بيده هذه الصورة وقد لا [يشاهده]. وما عدا هذه الصورة فليست إلا من الشيطان أو مما يحدِّث المرءُ به نفسَه في يقظته، فلا يعوُّل عليها، ومع ذلك إذا عُبِّرَت كان لها حُكم ولا بدّ، ويحدث لها ذلك من قوة تعبير المُعَبِّر لا من نفسها ... » إلخ.

والذي يتلخّص منه: أنّ ما يقع للمرتاضين من الصوفية وغيرهم في بعضهم هو من قبيل الرؤيا بأقسامها، مِن صادق وكاذب ومحتاج إلى التأويل وغيره. وتعيين الصادقة من الكاذبة، والصريحة من المؤوّلة، وتعيين التأويل= كلُّ ذلك مجرّد حَدْس وتخمين لا يحصل به الظن المعمول به شرعًا فضلًا عن اليقين.

قال الآلوسي (١): وقال غير واحدٍ من المتفلسفة: هي انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيّلة إلى الحس المشترك. والصادقةُ منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ، فيتصوّر بما فيها مما يليق بها من المعاني الحاصلة هناك.

ثم إن المتخيّلة تحاكيه بصورة تناسبه، فترسلها على الحس المشترك، فتصير مشاهَدَةً، ثم إن كانت شديدةَ المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية استغنت عن التعبير وإلّا احتاجت إليه.


(١) في «روح المعاني»: (١٢/ ١٨١ - ١٨٢). وقوله: «هي انطباع الصورة ... وإلّا احتاجت إليه» هو نص كلام البيضاوي في تفسيره: (٣/ ٢٧٤).