وذلك أنه إن وقع شيء من الخوارق لأحد الموتى، نظرنا الأحوال الحاضرة حينئذٍ، فإن كانت موافقة للكتاب والسنة، وكانت تلك الخارقة صادرة لتأييد الكتاب والسنة= جاز تسميتها كرامة، وإلا فهي من بعض الأقسام الآتية.
مثاله: أن يؤذى ولدٌ لبعض الصالحين الموتى، فيصاب المؤذي ببلاء، فالواجب أن ننظر، فإن كانت الأذية بغير حق، والمؤذي ظالم لولد ذلك الصالح= جاز أن تسمّى هذه كرامة. وإن كانت الأذية بحق مؤيَّد بدليل شرعي قطعنا أنها ليست بكرامة، وإنما هي من أحد الأقسام الآتية.
إذا تقرّر هذا لديك عرفتَ أن مجرّد الخارقة من حيث هي لا تصلح دليلًا لشيء، فإن أدلة الشرع محصورة وليست الخارقة منها، إلا المعجزة فليس الكلام فيها. وبهذا التقرير يندفع كل ما أوردتموه، ولنبيِّن أقسام الخوارق بعد المعجزة والكرامة فنقول:
منها: الاستدراج، وهذا ما يجريه الله تعالى عند بعض الأفعال ابتلاءً للناس؛ هل يثبتون على دينهم الثابت بالكتاب والسنة أم يضلون. ويصلح أن يكون منه ما يقع للدجال من الخوارق. ومن هذا ما ابتلى الله تعالى به الصحابة يوم أُحدٍ كما دلَّ على ذلك القرآن.
ومنها: السحر والشعبذة والاستعانة بالجن وأعمال الشياطين، يقصدون بها تضليل المسلمين وإزاغتهم عن السراط المستقيم، كما كانوا يفعلون في الجاهلية في الأصنام، وكما يفعلونه مع عباد الأوثان، ومثله كثير جدًّا. وقد مرَّ شيءٌ من هذا أواخر الكلام على علم الغيب، فارجع إليه (١).