و [منها]: الكهانة والتنجيم وغير ذلك مما مرَّ في بحث الاطلاع على المغيِّبات.
[ص ١٠٥] إذا تقرر ما ذكر، فالكلام على هذه الخوارق التي زعمتم وقوعها من وجهين:
الأول: إنكار وقوعها أصلًا، وأنه لا يجوز القول بوقوعها إلا عن مشاهدة أو تواتر بإخبارِ عددٍ يحصل بإخبارهم القطعُ بوقوعها، كما يقطع مَن باليمن أن أرض الهند موجودة.
وعلى فرض صحة وقوعها، فإنها محتملة لأن تكون من الشعبذة، ولأن تكون من السحر، ولأن تكون من أعمال الشياطين، ولأن تكون استدراجًا يبتلي الله بها عباده، ولأن تكون كرامةً. وإذا كان الأمر كذلك لم يكن من الممكن تعيين كونها من أحد الأقسام، وإنما المتيسِّر أن توزَن بميزان الشرع، فإن كان صاحبها ثابتًا على كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وكانت الخارقة مؤيِّدة لأحكام كتاب الله تعالى وسنة رسوله= كان الواجب إحسان الظن بصاحبها أن الله تعالى أكرمه. ومع ذلك فليست دالةً على أنه معصوم من المعاصي، بل ولا تمكن العصمة لغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
ثم إذا وقعت لذلك الشخص خارقة أخرى، كان حظّها حظّ صاحبتها، وهكذا أبدًا. فإن رأينا خارقةً تؤيد خلاف أحكام كتاب الله تعالى وسنة رسوله، حَكَمْنا عليها أنها من أحد الأنواع الأخرى.
والمقصود أن أصول الأحكام في شريعة الإسلام هي الكتاب والسنة لا غير، والعالم هو العالم بأحكامهما، والوليّ هو العامل بما عَلِمه منهما، والخوارق بعد المعجزة ليست بحجّة ولا دليل ولا يُسْتند إليها في قليل ولا