التبرّك بآثار الصالحين إن لم يكن مستحبًّا فليس بكفر قطعًا.
وأما النذر والذبح، فإن الناذر إما أن يتصدّق بالمنذور، ويعطيه من يقرأ إلى روح ذلك الصالح، أو يجمع عليه الناس لذكر الله تعالى، أو نحو ذلك. وإما أن يعطيه أقارب ذلك الصالح وأتباعه.
فهو في الحالة الأولى إنما يريد النذر بثواب تلك الصدقة أو تلك القراءة أو الذكر ونحوه. وفي الثاني إنما أراد النذر على أتباعه، وهذا من باب البرّ والصِّلَة المستحبّة في الشرع. كما أن الإنسان يبرّ قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويعتقد أن ذلك من برِّه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣]. فهذا الرجل في نذره على ذلك الميت وإعطاء المنذور به لأتباعه إنما يعني النذر على أتباعه بنيّة البرِّ له.
وكذلك الذبح، فلا نعلمَ أحدًا يذبح باسم أحدٍ من الصالحين، وإنما يذبح على اسم الله تعالى قائلًا: بسم الله، والله أكبر. وإنما قد ينذرون بالشاة ونحوها على الولي قاصدين النذر بثواب الصدقة بها أو غير ذلك مما مرَّ. وإذ قد ثبت أنه لا بأس بهذه الأشياء، فلا بأس باعتقادنا أنهم يستحقّونها.
وأما أننا نعتقد أن لهم ما يشاؤون في الدنيا والآخرة فلسنا نطلق ذلك، وإنما نعتقد أن دعاءهم أقرب إلى الإجابة، وهذا لا ينازع فيه أحد.
[ص ٨٧] قال المانعون: إننا ــ كما يعلم الله تعالى ــ نحبّ أن تكون جميع أفراد الأمة على هدى وسراط مستقيم، ولا غرض لنا في أن يكون أحدٌ منهم ضالًّا، وإنما غرضنا في تحقيق الحقّ.