للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حضر دفن جماعة من أصحابه، وقرر كيفية قبورهم، لزم أن تكون تلك القبور هي الإمام، فيُجْعَل كل ما يطرأ من القبور على هيئتها.

ويردُّ بأمرين:

الأول: بما قدمناه أن هذا المعنى لا يأتي في حديث [ص ٣١] علي، والظاهر أن معنى التسوية في الحديثين واحد، وقد يُعْتَذر عن هذا بحمل التسوية في حديث عليّ على تسوية القبر المشرف بسائر القبور المعروفة المقررة هيئتها شرعًا.

ويردّه ما (١) سبق: أن التسوية إذا أُطلقت كان الأصل أن المراد بها تسوية الشيء في ذاته، لا تسويته بغيره.

الثاني: أن حديث وضع الحجر وغيره يدل على جواز تمييز القبر بعلامة يتعرَّف بها لقصدٍ شرعي. وهذا ينافي التسوية على الوجه الثالث، والتزام التخصيص لا حاجة إليه ما دام اللفظ محتملًا لمعنىً آخر لا يحتاج إلى تخصيص.

على أن هذا الوجه يؤول إلى موافقة المعنى الثاني الذي هو المختار.

المعنى الثاني هو المختار عندي، فالمراد بتسوية القبر جعله سويًّا قويمًا على ما اقتضته الحكمة من غير إفراط ولا تفريط، وذلك على الهيئة التي قررها الشارع للقبور.

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد بيَّن لأصحابه الهيئة التي ينبغي


(١) الأصل: "بما".