للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تكون القبور عليها، وبعد أن عَقَلوها وعلموا أنها هي الهيئة السوية القويمة، أمرهم بلزومها في ما يطرأ من القبور، وردّ ما خالفها إليها.

وهذا هو معنى ما في "كنز العمال" ــ إن صح ــ: "سووا القبور على وجه الأرض ... " إلخ (١).

[ص ٣٢] وإنما زاد قوله: "على وجه الأرض" تنبيهًا على ما هو الأهم؛ لأن الغالب أن المخالفة إنما تقع في ظاهر القبور بالتجصيص والإشراف والبناء وغيره، وهذه الأشياء منافية لكون القبر سويًّا بالنسبة لما على وجه الأرض منه، فأمر بتسويتها على وجه الأرض.

وأما ما رواه ابن حبيب (٢)، وفيه: "وأمر بهدمها وتسويتها بالأرض"؛ فلم يصحّ عندنا، فيلزمنا النظر فيه، على أن الباجيّ قال عقب ذكره: قال ابن حبيب: وينبغي أن يسوّى تسوية تسنيم.

قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه: ومعنى ذلك عندي ــ والله أعلم ــ أن يسوَّى نفس القبر بالأرض، ويُرْفع رفع تسنيم دون أن يُرْفَع أصله". اهـ.

أقول: يعني أن تبقى أطرافه مساويةً للأرض، ويرتفع وسطه مسنمًا، كما هي هيئة المسنم الذي يقتصر على إعادة تراب حفرته إليها، وجمعه عليها.

وهذه الهيئة تلاقي الهيئة التي قررها الشارع للقبور، ولكن ليس معنى التسوية هنا، هو المعنى المختار في الحديثين، ولا ضير، فإن هذه الزيادة لم يُعْلَم صحتها كما تقدم، ويمكن أن يكون قوله: "بالأرض" من زيادة بعض


(١) تقدم (ص ٢٠).
(٢) فيما نقله عنه الباجي، في "شرح الموطأ": (٢/ ٤٩٤)، وسبق نقله (ص ٣١ - ٣٢).