١ - أن يكون في القبور التي بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتسويتها قبور مسلمين ماتوا قبل مقدمه صلى الله عليه وآله وسلم، فدُفِنوا ورُفِعت قبورهم. وربما يستأنس لهذا بما في رواية أبي محمد الهذلي:"أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في جنازة حين بعث عليًّا"(١)، فيشبه أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم علَّم أصحابه أن لا يرفعوا القبر الذي هو حنيئذٍ حاضر الدفن فيه، فأُخْبِر بأنهم رفعوا قبور الذين ماتوا من المسلمين قبل مقدمه، عملًا بعادتهم في رفع القبور، فبعث عليًّا لتسويتها مع غيرها.
٢ - أن يكون عَلِم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا فرق في وجوب التسوية، ولا أصرح في عدم الفرق من قوله:"أبعثُك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"، وعليٌّ رضي الله عنه هو الذي تلقى الأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهو أعلم بحقيقته.
ولا يخفى أن الإشراف هنا المراد به الارتفاع فوق الشبر، لمقابلته بالتسوية، والتسوية: جعله على الهيئة المشروعة، ومن الهيئة المشروعة: الرفع نحو شبر فقط، وسواءٌ أكان الإشراف بتراب، أو رمل، أو حصى، [ص ٩٨] أو حَجَر أو مدر، أو خشب، كالتوابيت، أو غير ذلك.
ومنه البناء الذي يكون على جوانب القبر القريبة، بحيث يطلق على البناء قبر، وما لم يتناوله الإشراف بعمومه من الأشياء الزائدة على الهيئة الشرعية التي مرَّ بيانُها في خاتمة الفصل الثاني، فإنه يتناولها الدليل بطريق القياس.
(١) في "مسند أحمد" رقم (١١٧٦). وقد سبقت (ص ٦٧ - ٦٨).