للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١١٣] فإن قيل: فما معنى قوله: {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ}؟

قلت: الذي يعطيه السياق أن الفتية بعد أن رآهم القوم، واستخبروهم، وتقررت الآية، رجعوا إلى مضجعهم في الكهف، وعاد الرُّعب الذي في قوله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف: ١٨].

فبقي القوم متحَيِّرين لا يدرون أماتوا أم ناموا، ولا يمكنهم الدخول إليهم لمكان الرعب، ثم تنازعوا فيما يصنعون، فقال الفريق الأول: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} أي: أماتوا أم عادوا إلى نومهم؟

ولا يصح أن يقال: إن المراد: ربهم أعلم بهم، مَنْ هُم، وممن هم؟ لأن الظاهر أنهم اجتمعوا بالقوم، وقصّوا عليهم قصتهم، لتتقرر الآية التي هي المقصود من الإعثار عليهم، أعني: قوله تعالى: {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}.

فإن قلت: فإذا كان دخول الكهف ممنوعًا، فكيف يقولون: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ}؟

قلت: المراد بالبناء عليهم البناء لسد باب الكهف، بقرينة ما تقدم.

فإن قلت: فما وجه النزاع؟ فهل أبى الفريق الآخر سد باب الكهف؟

قلت: أرادوا ــ والله أعلم ــ أن يبنوا المسجد عند باب الكهف، بحيث يكون جداره سادًّا لباب الكهف.

فالفريق الأول يقولون: ابنوا جدارًا نسدُّ به باب الكهف.