للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: إن الدليل هنا على كونه شرعًا لِمَن قبلنا في الكتاب، والدليل المخالف له في السنة، فيكون نسخًا للكتاب بالسنة.

أجيب: أن في جواز نسخ الكتاب بالسنة خلافًا، ولكن لا حاجة بنا لذكره، وبيان الراجح، فإن ما نحن فيه ليس من نسخ الكتاب بالسنة في شيء، وإنما هو من نَسْخ شرع من قبلنا بشرعنا، والمنسوخ في الحقيقة هو خطاب من الله عزَّ وجلّ لنبي تلك الأمة.

فأما الآية التي في كتابنا، فأقصى ما يُدَّعى فيها: أنها في قوة خبر، بأن ذلك الفعل كان جائزًا في شرع تلك الأمة، وهذا ــ على فرض صحة الدعوى ــ خبرٌ صادق لا يتصور نسخه أصلًا، وهذا بيِّنٌ، فلا نطيل بزيادة إيضاحه، وذكر أمثلته.

[ص ١٠] بقي أن يكون المراد بالجواز المدَّعى دلالة الآية عليه، الجواز في شرعنا مباشرة، وهذا لا وجه له. وعلى فرض أن له شِبْه دلالة، فأقصى ما يُدَّعَى فيها أنها دلالة ظاهرة.

فيجاب: بأن السنة بينت عدم اعتبارها، ولا حاجة لزيادة الفروض والتسليمات، فالأمر أوضح من ذلك.

سادسًا: قوله: "بل إذا لاحظنا أن القَصَص الوارد في القرآن لم يرد لمجرَّد حكاية وقائع تاريخية، وإنما هو للاعتبار ... " إلخ.

قد يقال: إن قصة أصحاب الكهف نزلت ــ كما في أسباب النزول (١) ــ لما سألت قريشٌ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عنهم بإيعاز اليهود إليهم،


(١) انظر "الدر المنثور": (٤/ ٣٨٠).