للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانت الحكمة في إنزالها أن تكون معجزةً له صلى الله عليه وآله وسلم بالإخبار عن حالهم، ولا يعلمه أحدٌ إلا أن بعض أهل الكتاب يعلم بعضَه، وهذه الحكمة كافية.

ولما كانت المعجزة لا تتم إلا بحكاية القصة على وجهها، دخل فيها التآمر بالبناء، والعزم على اتخاذ المسجد، فلا يلزم أن يكون لهما حِكْمة خاصة.

على أن الحق الحقيق هو أن نقول: إن لها حكمة خاصةً غير ما ذكرتموه، وهي [أن] في التآمر بالبناء تنبيه الأمة إلى سدِّ القبور، وأن لا تترك فيها فُرْجة، وأن أهل العلم والدين ممن قبلنا كانوا يكتفون بذلك، وينازعون من أراد غير ذلك، كبناء مسجد.

وفي اتخاذ المسجد بيان مخالفة العامة لأولي العلم والدين، وضلالهم من حيث إنهم يَحْسبون أنهم يحسنون صنعًا، وتحذيرنا من مثل ذلك.

وصحَّ تصديق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما كان يقوله لأصحابه: [ص ٧] "إن من كان قبلهم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصُلَحائهم مساجد" (١)، إلى غير ذلك من المناسبات.

سابعًا: قوله: "فأرشدنا عزَّ وجلّ بهذه الآية إلى ما ينبغي أن نعمله إذا مات فينا رجل صالح، أي: أننا على الأقل نبني على قبره بنيانًا، والأكمل أن نتخذ عليه مسجدًا".

الجواب: أن الحق عكس ذلك، كما علمتَ مما قدمناه، دلت عليه الآيةُ


(١) أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب البجلي رضي الله عنه.