للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسُها، وغيرها من القرآن والسنة المتواترة.

ولو كان ما زعمتَه مراد الله عزَّ وجلّ، لكان فَهِمَه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعَمِل به في حياته في حق أصحابه الذين توفوا في حياته، كعثمان بن مظعون، وسعد بن معاذ، وعمه حمزة، ومن معه من الشهداء، وأولاده صلى الله عليه وآله وسلم.

وعدم فعله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك كافٍ في إبطال هذا الزعم، فكيف والواقع أنه ثبت عنه النهي عن البناء على القبور، والأمر بتسويتها مطلقًا، وتواتر عنه لعن من اتخذ القبور مساجد، وفي بعض الروايات الصحيحة التصريح بأن المراد باتخاذها مساجد بناء المساجد مشتملة عليها، وسيأتي بيان الأدلة التي تدل على أن مثل ذلك بناء المساجد عند القبور وإن لم تكن مشتملةً عليها، وكذا بناؤها لأجلها وإن كانت بعيدة عنها. وسيأتي إيضاح ذلك إن شاء الله (١).

ثم جاء مِن بعده أصحابه، فلزموا طريقته، وثبت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه بعث صاحب شرطته لتسوية كلّ قبرٍ مشرفٍ مطلقًا (٢)، واستمرَّ الحالُ على ذلك في القرون الأولى المشهود لها بالخير، حتى جاء بعض المتشيّعين بعد الألف، يزعم أن الآية تدل على خلاف ذلك كله، سبحانك هذا بهتان عظيم! !

وقال الله عزَّ وجلّ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨].


(١) (ص).
(٢) سبق تخريجه موسَّعًا في المبيضة (ص ٥٠ وما بعدها)، ورواية "صاحب الشرطة" في (ص ٦٦) منها.