الصالح، أو بقربه قَصْد شرعي أيضًا، ومثل هذا لا يضر كما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بالناس أداءً للفريضة، وليعلم الناس.
ويردّ هذا بوضوح الفرق في كلا الوجهين، فالذي مرَّ على القرية الآهلة وليس لها مسجد، فحمله ذلك على بناء مسجد فيها، إنما استجاب لسبب شرعي، وهو أن الشرع إنما يدعو إلى بناء المساجد عند الحاجة إليها، فلو كان لقرية [ص ١٢] مسجد يكفي أهلها، لم يستحبّ بناء مسجد آخر فيها، بل يكره أو يحرم؛ لكونه يكون سببًا للتفريق، وضياعًا للمال الذي يستدعيه البناء في غير محله، وتحجُّرًا لتلك البقعة عن أن ينتفع بها المسلمون في غير فائدة.
فالحاصل: أن هذا الرجل لما مرَّ على القرية المذكورة سمع نداء الشرع يقول له: إن الله عزَّ وجلّ يدعوك إلى بناء مسجد في هذه القرية، يُصلَّى له فيه، ويُذْكَر فيه اسمه.
وأما باني المسجد على القبر، فلم يستجب لسبب شرعي؛ لأن الشرع لا يدعو إلى بناء المساجد على القبور، بل حرَّم ذلك، واشتدَّ غضب الله ولعنته على فاعله، نعم، إنما استجابَ لداعٍ شيطاني، يقول له: إن الشيطان يدعوك إلى بناء باسم مسجد على هذا القبر، ليكون ذلك معصيةً لله ورسوله، ويشتد غضب الله ولعنته على بانيه، ومن أعانه، أو رضي بفعله، أو لم ينهه بقدر طاقته، ويتطاير شرر ذلك إلى من صلى فيه، ويتشعَّب ذلك إلى شعب أخرى، هي ملحظ الشارع في النهي عن بناء المساجد على القبور.
ومما يكشف عُوار هؤلاء: أن أحدهم يعرف عدة قرى آهِلَة، ليس فيها مساجد، فلا يستيجب داعي الشرع لبناء مسجد فيها، ثم يعمد إلى قبرٍ بقفرة،