للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان مكروهًا، وعلى مدَّعي الحُرْمة البيان (١).

وعليه، فلنشرع في ذكر أدلة النهي عن البناء ونحوه، ثم نبين دلالتها على الحُرْمة.

قد تقدم حديث فَضالة في الأمر بتسوية القبور (٢)، وحققنا أن معناه: الأمر بأن تكون على الهيئة التي قررها لها الشارع، وأن الهيئة التي قررها لها الشارع هي ما تقتضيه الفطرة في ردِّ تراب الحفرة إليها، وجمعه على ظهر الحفرة، فيصير القبر بطبيعة الحال مسنَّمًا مرتفعًا عن الأرض نحو شبر [ص ٧٣] باعتبار وسطه، ولكنه إذا اتفق أن كان التراب الخارج من الحفرة، إذا جُمِع كلّه على ظهرها ينشأ عنه ارتفاع فوق الشبر، اقتضت التسوية تخفيفه.

وسيأتي في فصل إزالة الإشراف عن القبور حديث علي رضي الله عنه،


(١) هذه حجج من يقول: إن البناء على القبور في المِلك مكروه وليس بمحرم، ويسلّم بحرمة البناء ونحوه في غير المِلك. حكاه المؤلف على لسانه، وقد سبق له الرد على حججه ويأتي مزيد منها، ونجملها في الآتي:
١) أن الأصل عدم التفريق بين البناء في المسبلة وفي الملك لعموم الأدلة الواردة في النهي. ٢) أنه من التشبُّه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى. ٣) أنه من التشبه بأهل الجاهلية في الإفراط في تعظيم القبور. ٤) أن فيه إضاعة للمال. ٥) كونه من الزينة والخيلاء في أول منازل الآخرة كما قال الشافعي. ٦) أنه مخالف لسنة السلف في بناء القبور. ٧) أنه صار ذريعة ووسيلة إلى الشرك، إذ تقود إلى الاعتقاد في الميت وأنه يضر وينفع. وهي أدلة قوية يكفي اعتبارها في القول بحرمة البناء على القبر في المِلك.
(٢) (ص ٣٩).