يجتمع الذكر والأنثى وهما كارهان للولد، كما يكون بين الزانيين المُسْتخْفِيين الخائفَيْن من الفضيحة، وقد يشتهيان الولد ويحبان أن يكون ذكرًا فيكون أنثى، وقد يحبان أن يكون شكله كذا، وهيئته كذا، فيكون على خلاف ذلك.
وما أدري ما يقولون في النبات، وهل يقولون: إن له إرادة بها ترقَّى؟ ثم ما عسى أن يقولوا في النظام البديع في الموجودات ــ على ما تقدّم بعضُه ــ هل إرادة بعض الحيوانات الدنيئة هي التي رَتَّبت العالم على هذا النظام؟ أوَلا يهديكم العقل إلى أنه لا بد من إرادة عُليا هي التي دبرته وتدبره، وأنها إرادة الخالق ولا بُدّ؟ !
وبالجملة، فالقوم أنفسهم يسلِّمون أن هذا الفَرْض الذي فرضوه إنما هو تَخَرُّص محض، وأنه يَرِدُ عليه من الإشكالات أضعاف أضعاف ما ذكرتُه، وأنّ هناك أشياء كثيرة في العالم لا تَنْحَلُّ بذلك الفرض.
فإذا قلتَ لهم: فلماذا لا تُسَلِّمون بوجود الخالق المُدبِّر وتستريحون من هذا العناء، ثم إن وجدتم مُسبّبات عرفتم أسبابَها قلتم: هذا عن كذا، وهذا عن كذا، والخالق هو الذي جعلها كذلك، وما لم تعرفوا له سببًا قلتم: إرادة الخالق، وكفى؟
قالوا: لم يقم عندنا دليل حِسّي على وجود الخالق.
فيقال لهم: ولا قام عندكم دليل حِسيٌّ على هذه التخرُّصات!
فيقولون: نعم، ولكنها أقرب إلى ما عرفناه.
فيقال لهم: بل هي بعيدة عنه، ثم هي لا تشفي ولا تكفي، والقول بوجود