شرط لوجود الأجسام، فلا يقدر الباري عز وجل أن يعدمه مع بقاء الأجسام.
وبالجملة فالقول بما يستلزم هذا القدر من الاحتياج خير بألف درجة بل بما لا يُحْصَى من القول بما يستلزم عدم وجود الرب.
فذكرت له ما حضرني، وكان من آخر ما قلت له: إن كنت مصممًا على أنه لا يمكن الوجود إلا في جهة، فخيرٌ لك أن تعتمد على أن الفضاء أمر عدمي، وتقف عنده.
قالوا: وأما حجتكم الثالثة فإننا لا نطلق على الرب عز وجل أنه جسم، فإن عنيتم بالجسم ما له جهة، وهو قائم بذاته، فإننا نلتزم ذلك، ولا نقول: إنه جسم، ونقول: إن ذات الله تبارك وتعالى عظيمة. ولا نحدد قولكم:"مركب من أجزاء".
نقول: المركب ما ركبه غيره، والرب عز وجل قديم تعالى الله عن ذلك، والأجزاء مأخوذة من الجزء، وهو القسم، وذات الرب عز وجل لا تتجزأ، وكذلك الأبعاض والأقسام والأعضاء، كل هذا يتضمن التفصيل والتفريق، إما بالفعل، وإما بالإمكان، والباري عز وجل يتعالى عن ذلك.
فإن قلتم: إننا نطلق المركب وذا الأجزاء على ما هو أعم مما ذكرتم، فالمقصود أن ذات ربكم بحيث يمكن لمن رآه أن يشير إلى شيء منها دون شيء، وما كان كذلك فهو في اصطلاحنا مركب ذو أجزاء.
قلنا: يمكن أن [ص ٥٣] نلتزم ما ذكرتم في ذاته تعالى، ولا نقول: مركب، ولا ذو أجزاء، تعالى الله عن ذلك.
فإن قلتم: فإن قولنا: المركب محتاج إلى جزئه، يجري فيما ذكر،