للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكذلك يقال في جواب حجتهم الثانية.

فيسألون على فرض صحة قولهم: إن الفضاء موجود محدَث: هل كان يمكن أن يحدثه الله عز وجل ويُحْدِث فيه جسمًا في وقت واحد بدون تقدم أحدهما على الآخر؟

فإن لم يكابروا قالوا: نعم.

وبذلك يعلم أنه لا يلزم التأخر، بل تجوز المعية.

فإذا جاز أن يكون المكان قديمًا لم يمتنع أن يكون المتمكِّن قديمًا، ثم يقال [ص ٥٢] بالقدم فيما قام الدليلُ على قدمه، وبالحدوث فيما قام الدليل على حدوثه.

فكان مما قلت له: وكيف يكون الرب محتاجًا في وجوده إلى غيره؟ !

فقال: هذه كلمة مشنعة بالإيهام، فإن الذي يتبادر من الحاجة في الوجود حاجة الحادث إلى محدثه، أو المعلول إلى علته، أو إلى جزئها، وليس ما هنا كذلك.

قلت: فيقال لك: هو قريب من ذلك، وهو أنه احتياج الموجود إلى شرط وجوده.

فقال: إذا لوحظ القدم في الجانبين وأن الرب حيٌّ قديرٌ مريدٌ عليمٌ حكيمٌ إلى غير ذلك من صفات العظمة والكبرياء، وأنَّ الفضاء خالٍ من ذلك كله هان الأمر.

فإن بقيَتْ هناك شَناعة فيجاب عنها بنحو ما يجيبون عن قولهم: إن المحال لا يدخل تحت القدرة، كما يقول القائلون بحدوث المكان: إنه