للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اضطراب وتدليسٌ شَحِحنا بالوقت عن إنفاقه في البحث عنه، ولاسيّما في قولكم: "إنَّ البائعَ اختار ردَّ المبيع وتحمَّل مؤنة الردّ".

هذا وقد كنا حررنا جوابًا ناقشنا فيه كلَّ جملةٍ نقاشًا مستوفىً علميًّا، ولاسيما تشبثكم بأذيالِ الاجتهاد، ووضعكم من علماء المذهب، بل وربّما كان من الإجماع، وكذلك الأمثال والشواهد والبيتين، والبهتان بهجوم الإمام ودعوته ثم أضْربنا صَفحًا مَللاً، وطوينا كشحًا كسَلاً، لا بل إبقاءً على المودة التي نخشى أنّ طولَ المناقشة تُقلّها، وحفاظًا على المحبّة التي كثرة المراجعة تُخلّها، وذلك من جهتكم، وأمّا أنا فلا يزيدني ذلك إلا مودَّةً، ولا يُزيلني عنها.

وقولكم: "إني لا أسوى أن تكاتبوني" أخشى أن يطلع عليه من يحسدكم فيستدل به على ضيق ذات اليد من العلوم، فإنَّ الحاذق إذا أُفحم احتدَّ ليغطي الحقيقة. إلَّا أنَّ الحقَّ إذا كان واضحًا فلم يرجع إليه المناظَر أورث في قلبِ مناظِره وغيره (١) سوءَ ظَنٍّ به؛ لأنَّ مولانا جلَّ وعلا يقول: {فَلَا وَرَبِّكَ ... } الآية [النساء: ٦٥].

خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصْفري ... ونقّري ما شئتِ أن تنقّري (٢)

كلّا ــ والله ــ ما خلت البلادُ، وإمام الحقِّ قائمٌ.

أو كما قال الآخر:


(١) هكذا استظهرتها.
(٢) البيت لطرفة بن العبد. "ديوانه" (ص ١٢٦).