المجتهد المطلق وترى لمن يثبت الحق، وجرَّبت مِرارًا على أنّي رأيت كلامَك فيها كلامَ مجازفٍ تريدُ أن تتنَصَّل عن الخطأ بحكاية أقوالٍ شاذّةٍ خارجة عن المذهب، بل ربّما خرجت عن الإجماع، مُتشبِّعًا بما معناه دعوى الاجتهاد، لا إله إلا الله!
أمّا إذا دخلتَ في باب الاجتهاد فلسنا من أقرانك، ونقول:
وابنُ اللبونِ إذا مَا لُزَّ في قَرَنٍ ... ..................... إلخ (١)
وأمّا خطأ الحاكم، فنحن لا نسلّم أنكم أخطأتم، بل ندّعي التعمّد، ولو سلّمنا فنطلب منكم نَقْلَ عباراتهم في ذلك لننظرها، ثم نَكِلُ إليكم البحثَ: هل يُفرَّق بين القاضي، وقاضي الضرورة؟ وبين الخطأ مع الوضوح، والخطأ مع الغموض؟ وبين الخطأ مع خلاف الكتاب والسنة أو الإجماع وغيره؟ ... إلى غير ذلك.
ثم بيتُ المال مشغول عن حمل الديات بما هو أهمُّ؛ مِن حِفْظ الثغور وغيرها، ومادّته إن لم تكن معدومة فهي قليلةٌ.
وأمّا قولكم في الحديث الذي استدل به العلماء على أنَّ مُؤنةَ الردّ في الأيدي الضافية عليها:"لعلَّ موردَ ذلك في الغصبِ"، فلو سُلِّم فالعبرةُ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقولك:"ويمكن أن تكون قضيّة عينٍ لا عمومَ لها". فهذه العبارةُ لو كان يُرَدُّ بها كلُّ دليلٍ أُريد إبطاله لصارَ الدينُ لعبةً. وقولكم:"إنها قامت الدعوى لدى حاكم بلد المشتري ... " إلى آخر ما نقلتموه عن المحلّي. فيه
(١) البيت لجرير "ديوانه" (ص ٢٥٠). وعجزه: لم يستطعْ صولةَ البُزْلِ القناعيسِ