أُمِروا بالسجود للرحمن:{وَمَا الرَّحْمَنُ}[الفرقان: ٦٠]. ذكر المصنف أنَّ وجه هذا التعجرف قد أشكل على المفسرين، فقيل: إن القوم لم يكونوا يعرفون هذه الكلمة لا علَمًا ولا وصفًا. وقد ردَّ المصنف هذا القول بعدَّة أمور. منها أن الاسم المذكور جاء فيما
حكاه الله تعالى من كلام المشركين كقوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}[الزخرف: ٢٠].
ومنها أنهم سموا بعبد الرحمن في الجاهلية، وذكر "عبد الرحمن الفزاري" الذي أغار على إبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقتله أبو قتادة كما ورد في قصة غزوة ذي قَرَد في صحيح مسلم.
ثم نقل من تفسير الطبري بيتين ورد فيهما اسم "الرحمن". أحدهما لسلامة بن جندل التميمي، والآخر "لبعض الجاهلية الجهلاء". قال ابن الكلبي:"وقد رُوي بيت في الجاهلية ولم ينقله الثقات، هو للشنفرى" ثم أورد هذا البيت (الاشتقاق لابن دريد: ٥٩).
ثم قال: لا يجوز أن يخاطبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما لا يعرفون.
وهذه الوجوه هي التي ردَّ بها العلّامة عبد الحميد الفراهي رحمه الله تعالى القولَ المذكور في كتابه "مفردات القرآن". وقد طبع هذا الكتاب سنة ١٣٥٨، وكان الشيخ المعلمي رحمه الله حينئذ في الهند، وقد وصل إليها سنة ١٣٤٥. ولا شك أنه لم يقف على كتاب المفردات حين تسويد هذا الفصل، وإلا لوجد فيه شواهد أخرى ثابتة النسبة من شعر الأعشى والمثقِّب العبدي وحاتم الطائي.
وقد تكلم المصنف في هذا الفصل أيضًا على ما ورد في الصحيح في