العبادة:"وقد استوعبت أكثر ذلك في رسالة العبادة، أسأل الله تعالى من فضله تيسيرَ إتمامها ونشرها"(ص ٢٩).
والمؤلف رحمه الله يُعنَى دائمًا بتوضيح الغوامض وحلّ المعضلات وإزالة
الشبهات. وقد تجلَّت عنايته بذلك في تفسير البسملة كما رأينا، وفي تفسير سورة الفاتحة أيضًا. فالموضوعات التي تكلم عليها في هذه الرسالة بصورة خاصة أهمُّها:
- تفسير معنى الحمد. وقال: إنه يأتي في اللغة نفسيًّا وقوليًّا. والنفسي كقولك: جالست فلانًا فحمدته، وطعمت من عسلك فحمدتُه. وهو يفسَّر بالرضا والموافقة، وهو تقريب. والقوليُّ يفسَّر بالشكر والثناء. والنفسي والقولي مرتبطان، وهو يستلزم الحمد الفعلي والحمد الحالي.
- ولما قال ضمن تفسير قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}: "كلُّ حمدٍ يقع في العالمين فهو سبحانه المستحقُّ له" ذكر إشكالين على ذلك: الأول أنه إذا كان لا يستحق شيئًا من الحمد إلا الله عز وجل لزم أن يكون ثناء الله على بعض الخلق باطلًا. وأجاب عنه بجوابين. والإشكال الثاني: أن نفي استحقاق المخلوق للحمد الذاتي البتة إنما يتخرج على قول المجبرة. ثم زاد إشكالًا ثالثًا: أنه إذا كان كلُّ شيءٍ محمودٍ إنما يستحق الحمد عليه استحقاقًا ذاتيًّا اللهُ عز وجل، فمن أين يقع الذمُّ؟ وأجاب عن الإشكالين.
- ذكر المصنف أن في قوله تعالى:{رَبِّ الْعَالَمِينَ} ردًّا على المشركين الذين يزعمون أن لمعبوداتهم تدبيرًا غيبيًّا فوضه الله تعالى إليها.