للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن علي رضي الله عنه: أنه قرأها في الصلاة، فقال: سبحان ربي الأعلى. فقيل له في ذلك، فقال: إنما أمرنا بشيء (١).

وروي نحو هذا عن غيره (٢).

قالوا: ومعقول أن التسبيح هو قول "سبحان". والمعروف في الشريعة "سبحان الله" [٤٦/أ] ونحوه، ولا يعرف فيها "سبحان اسم الله"، أو نحوه.

أقول: أصل التسبيح في اللغة: التنزيه، ثم كثر استعماله في النطق بـ "سبحان". وجاء هاهنا على أصله بقرينة أنه لم يعرف: "سبحان اسم الله"، كما قلتم.

وتنزيه أسماء الله عز وجل حق لا ريب فيه، ومنه أن لا يسمى غيره بما اختص به أو غلب، كلفظ الله والرحمن والقدوس والحكيم العليم، وغير ذلك، وأن لا تذكر أسماؤه في الهزل واللعب، ولا تذكر عند ملامسة القاذورات، إلى غير ذلك.

والأمر بتنزيه الاسم يدل بفحواه على الأمر بتنزيه المسمَّى؛ لأن تنزيهه سبحانه أوجب وأولى، فقد دلت الآية على كلا الأمرين.

فأما تنزيه الرب عز وجل فإنه يكون بالقول، وقد جعل له الشارع علمًا، وهو لفظ "سبحان". وأما تنزيه الاسم فإنه يكون بالعمل، كما تقدم.

فكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم أصحابه يمتثلون الأمر الثابت بالأولى بقول


(١) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٤٨٣) إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وغيرهم.
(٢) انظر المصدر السابق.