للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى بعض اليتامى فذبحه كما تُذبح الشاة، وغير ذلك من القبائح التي

تعقل النفوس قبحَها، ثم رأيت بعد ذلك كلِّه الحاكمَ قد أخذ أخاك، وأمر بعقوبته= فإنك إن كان في قلبك حبٌّ للحق وفرحٌ بالخير تفرَحْ بعقاب أخيك، وتلتذَّ به.

هذا مع تراكمِ الحجب في الدنيا، وخفاءِ الحقائق، ودنسِ النفوس. فما بالك بأهل الجنة الذين هُذِّبوا ونُقُّوا! والظاهر أن تمام الطهارة وانكشاف الحقائق إنما يقع بعد دخول الجنة. وعلى هذا فمن فضل الله تعالى ورحمته أن أذن للمؤمنين في الشفاعة قبل دخولهم الجنة كما في الأحاديث الصحيحة المفسرة.

وانظر الحديث الصحيح: "يَلقَى إبراهيمُ أباه، فيقول: يا ربِّ إنَّك وعدتَني أن لا تُخزيني يومَ يُبعثون، وأيُّ خزيٍ أخزَى من أبي الأبعد؟ فيقول الله: إني حرَّمتُ الجنة على الكافرين. ثم يقال لإبراهيم: ما تحت رجليك؟ انظر. فينظر، فإذا هو بذِيخٍ مُتلطِّخٍ، فيؤخَذ بقوائمه، فيُلْقَى في النار".

هكذا في "صحيح البخاري" (١). وثبت في الروايات الصحاح عند غيره: "فينظر، فإذا ذيخٌ متلطخٌ في نتنه" (٢).

وفي أخرى: "فيمسخ الله أباه ضبعًا، فيأخذ بأنفه، فيقول: يا عبدي، أبوك هو؟ فيقول: لا، وعزَّتك! ".


(١) برقم (٣٣٥٠).
(٢) كذا في الأصل. ومصدر المؤلف: فتح الباري، كما سيأتي. وفيه: "فإذا ذيخ يتمرَّغ في نتنه". وهو ما ورد في "السنن الكبرى" للنسائي (١١٣٧٥). وانظر: "تغليق التعليق" (٤/ ٢٧٤).