للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتأثيره في إرادة الله، تعالى الله عن تأثير المؤثرات الحادثة".

فتحصَّل من عبارته الثانية أن قوله في الأولى: "لصاحب السلطان العلوي والقدرة الغيبية" المراد بها أن يكون كذلك في ادعاء واعتقاد الذي يدعوه ويتقرب إليه، سواء أكان في نفس الأمر [٥٩/ب] كذلك أم لا. وبهذا يندفع بعض الاعتراض على عبارته، ولكنه يبقى عدة اعتراضات. منها: أنه إن أراد بالسلطان العلوي والقدرة الغيبية مطلق القدرة على التصرف الغيبي ورَدَ عليه أن الملائكة والجن لهم قدرة يتصرفون بها، وليسوا بآلهة اتفاقًا، ولا اعتقاد ذلك فيهم قولًا بأنهم آلهة. وإن أراد القدرة الذاتية أي التي ليست بموهوبة ورَدَ عليه أنَّ المشركين لم يعتقدوا في أصنامهم بل ولا في الملائكة ذلك. وإن أراد القدرة التي يصرفها صاحبها باختياره ورَدَ عليه أن الجن كذلك في الجملة. وإن أراد التي يصرفها صاحبها باختياره، وليس غيره مهيمنًا عليه، ورَدَ عليه أنَّ المشركين لم يعتقدوا في معبوداتهم ذلك. وقد تقدمت الآيات في ذلك.

فإن قيل: قد تقدم عنه أنهم اعتقدوا أنَّ معبوداتهم لها سلطة بشفاعة تَحْمِل بها اللهَ عزَّ وجلَّ على جلب نفع أو دفع ضر، لولا شفاعتهم لم يفعله تعالى بمحض إرادته.

قلت: الظاهر أنه يريد ما اشتهر عن المشركين من العرب في شأن شفاعة الملائكة، فإن أراد أنهم (١) كانوا يزعمون أنَّ الملائكة يُكرهون الله تعالى على قبول شفاعتهم، أو لا يُكرهونه، ولكنه لقربهم منه يقبل شفاعتهم،


(١) في الأصل: "أنها" سبق قلم.