للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ل ٦٥/ب] فاقتضت الحكمةُ أن يبيِّن الله عزَّ وجلَّ لعباده خروجَ اليهود والنصارى عن المنعَم عليهم، وبيِّنٌ سببُ ذلك, وهو أنَّ اليهود خرجوا في الواقع عن الصراط المستقيم الذي كان عليه موسى وهارون ومَن بعدهما من الأنبياء خروجًا أوجَبَ عليهم الغضبَ، وأنَّ النصارى خرجوا عن الصراط المستقيم الذي كان عليه عيسى والأنبياء من قبله، وضلُّوا الضلالَ البعيدَ. فعُلِمَ بذلك أنَّ ما هم عليه مخالفٌ للصراط المستقيم وأنَّ ما بأيديهم من

الكتب لا يوثق بها.

وزعم جماعة من المتأخرين (١) أن الأَولى حملُ المغضوب عليهم والضالين على العموم، أي كُلِّ مغضوب عليه وكلِّ ضالٍّ.

وأقول: لا حاجة إلى هذا؛ لأنه مع مخالفته للمأثور، ومخالفته للسياق، وإخلاله ببعض الفوائد المتقدمة، ليس فيه فائدة. على أنَّ حاصله حاصلٌ أيضًا مع التفسير المأثور، فإنه إذا عُلِمَ أنَّ اليهودَ مغضوبٌ عليهم، لا منعَم عليهم، فصراطُهم مخالفٌ للصراط المستقيم، فعلى المسلم الحذرُ مما هم عليه؛ وأنَّ النصارى ضالُّون غيرُ منعَم عليهم، فكذلك كان في ذلك تنبيه (٢) على أنَّ كلَّ من تحقَّق أنه مغضوب عليه أو ضالٌّ، فالحال فيه كذلك. والله الموفق، لا إله إلا هو.

* * * *


(١) في الأصل: "المتأخرون"، سهو.
(٢) في الأصل: "تنبيهًا"، سهو.