الأولى: الإشارة إلى أن هذا الهدى من الله تعالى محضًا، أي: بخلاف الهدى السابق في قوله: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، فإنه وإن كان منه تعالى لكن اختيارهم فيه كان أقوى من اختيارهم في الثاني، فإن من اختار الهدى بقدر إمكانه فتح الله تعالى له من الهدى أضعاف ذلك.
الثانية: الإشارة إلى أن هذا الهدى حصل لهم بمقتضى الربوبية، فيفهم من ذلك أن هذا الهدى متوجِّه إلى كل مربوب، وإنَّما يمتنع حصوله للكفار لقصورٍ فيهم.
الثالثة: الإشارة إلى أن هذا الهدى داخل في إجابة قوله: {اهْدِنَا السِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأن هذا الدعاء مبنيٌّ على قوله في الفاتحة: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}؛ لأنها أول الصفات العليا فيها، إذ لم يتقدمها بعد البسملة إلا اسم الجلالة، وهو عَلَم لا يشعر البناء عليه بالعلة.
الرابعة: الإشارة إلى أنّ العناية التي تُفهم من لفظ "الرب" لها مزيدُ اختصاص بمن اتصف بالصفات السابقة، فهو سبحانه رب العالمين، وعنايته شاملة لهم جميعًا، ولكن حظ هؤلاء من العناية أتم. ولنقتصر على هذا.
[٣/ب]{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}: أعاد اسم الإشارة ليعود المخاطب فيلتفت إلى الصفات السابقة، فيستحضرها تفصيلًا لنحو ما تقدَّم.