للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: ارتباطها بالذي قبلها من

جهة أن المنع من قول {رَاعِنَا} نسخ في الجملة، فإن قولها كان جائزًا قبل ذلك؛ بدليل إقرار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عليها مدة، ثم نسخ ذلك بالآية المتقدمة (١٠٤)، وذلك لمَّا اتخذها اليهود وصلة إلى الاستهزاء.

ولها ارتباط بالآية التي قبلها؛ لما قدمنا أن فيها تمهيدًا لنسخ القبلة.

ولها تعلق بالفرع، وهو شأن بني إسرائيل، من حيث إن فيها ردًّا عليهم لأنهم ينكرون النسخ.

وهي مع ذلك متعلقة بأصل السورة، قوله تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [١ - ٢].

وفيها تمهيد لما يأتي من نسخ القبلة، وجعلت قبل ذلك بمدة حتى لا ينزل نسخ القبلة إلا وقد استقر في نفوس المسلمين حكم النسخ، واطمأنوا به، فلا يرد عليهم نسخ القبلة بغتة، فينفروا منه، والله أعلم.

فأما تمام الآية، وهو قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فالذي يحضرني أنه يظهر أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم شقَّ عليهم النسخ؛ لأنه يفتح للكفار من أهل الكتاب والمشركين باب الشغب والطعن في القرآن، كما يشير إليه ربط الآية بأول السورة، وربما يكون ذلك سببًا لامتناع جماعة عن الإسلام، أو ارتداد جماعة من المسلمين. فسلَّى الله عز وجل رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -[٥/ب] بقوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، أي: فهو يقدر على هداية الناس جميعًا، ويقدر على منعهم من الشغب، ويقدر على إقامة