البرهان على بطلان شغبهم، ويقدر على دفع ما خشيته من كون النسخ ربما يمنع
جماعة من الإسلام أو حمل بعض المسلمين على الارتداد.
وأكد ذلك بآية (١٠٧)، وقال في آخرها:{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}. علاقتها بما قبلها أن من جملة ما خشوه أن يشغب عليهم الكفار، وأن يمتنع جماعة من الإسلام، ولو أسلموا لكثر المسلمون وتقوَّوا بهم؛ وأن يرتدّ بعض المسلمين، فيقلَّ المسلمون ويذلُّوا. فأخبرهم تعالى أنه ليس لهم ولي ولا نصير غيره، وإذًا فلا معنى لخشيتهم أن لا يكثر أولياؤهم وأنصارهم.
وعبَّر بضمير الجمع في هذا على معنى: لك ولأصحابك. وبذلك تتصل الآية بما بعدها.
ففي الآية هذه اللطيفة، وهو أنه بخطاب واحد وجَّهَ ما يناسب حال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إليه، وما يناسب حاله وحال الصحابة إليهم جميعًا، وما يناسب أصحابه فقط إليهم فقط، وميَّز بين الأخيرين بالقرائن.
{أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} تشبيه السؤال بالسؤال في مطلق كون كل منهما سؤالًا فيه جرأة على الله تعالى وعلى رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -. فالسؤال الذي أنكره الله على المسلمين يتناول أن [٦/أ] يسألوه أن لا يقع في الشرع نسخ في القرآن ولا في الأحكام؛ لخشيتهم الأمور السابقة. وبهذا ظهر علاقة الآية بما قبلها.