للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباس وبكر وعلي والفتح في (أنْ) الداخلة على الفعل الجامد؟ فإنّهم إن

كانوا موافقين لما صرّح به الرضيُّ وغيره فـ (أن) عندهم في الآية المتكلّم عليها مخففة، ولكن الجمهور على خلافه.

نعم (أنْ) في هذه الآية لم تُسبق بعلمٍ ولا ظنٍّ، وقد قال الرضيُّ ما لفظُه: " فنقول: إنَّ (أنْ) التي ليست بعد العلم ولا ما يؤدي معناه، ولا ما يؤدّي معنى القول ولا بعد الظنّ فهي مصدريّة لا غير، سواءً كانت بعد فِعْل الترقُّب كحسبتُ، وطمعتُ، ورجوت، وأردت، أو بعد غيره من الأفعال ... " إلى أن قال: "أو لا بعد فِعْل كقوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ ... } [الحشر: ٣] (١).

هذا، وقد استدلّ ابن هشام على ترجيح مذهب الكوفيين أنَّ الخفيفة قد تجيء شرطيّة بأنّه قد قرئ قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} [الزخرف: ٥] بكسر الهمزة وفتحها (٢)، واستدلالهم بذلك يشعر أنّ البصريين يجعلونها في حال الفتح مصدرية، كما في بقيّة الأمثلة. وهو ما في التفاسير والأعاريب.

[ل ١٥] واعلم أنّ الأصل في (أنْ) المفتوحة الهمزة الساكنة النون أن تكون كذلك أصلاً، فمن ادّعى أنها مخففة من الثقيلة فعليه الدليل. ولا يكفي مجرّدُ الاحتمال، ولاسيّما مع أنّ القول بأنّها مخففة يستلزم أنّ اسمها ضمير الشأن محذوفًا، ودعوى الحذف خلافُ الأصل، فمن ادعاها فعليه البرهان،


(١) "شرح الرضي" (٢/ ٨٣٤ - ٨٣٥).
(٢) قرأ بكسر الهمزة من السبعة نافع وحمزة والكسائي. "الإقناع" لابن الباذش (٧٦٠).