للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله

عن الأموال التي كانت تحصل لكم من التجارة مع المشركين.

الضرب الثاني: ما جاء على الاعتبار الآخر، كالإنسان والعذاب الواقع، أو المتوقع. يأتي العذاب منصوبًا، والإنسان مجرورًا بـ"عن". قال الله تبارك وتعالى (٤٠/ ٤٧): {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ}.

وغالب ما في القرآن من كلمة "أغنى" أو مشتقاتها وارد على هذا الضرب الثاني، [ص ٣٠] ولكنه قد يترك المنصوب، وقد يترك المجرور بـ"عن"، وقد يتركان معًا؛ ويقع الاختلاف في التفسير.

وقد فصلت العرب بين الضربين، فجعلت مصدر "أغنى" من الضرب الثاني "الغَناء" بالفتح والمد.

وفي "لسان العرب" (١): "قال ابن بري: الغَناء: مصدر أغنى عنك أي كفاك". ثم قال بعد: "أغْنِها عنَّا أي اصرِفْها وكُفَّها". ثم قال: " يقال: أغْنِ عنّي شرَّك، أي اصرِفْه وكُفَّه. ومنه قوله تعالى: {لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [الجاثية: ١٩].

وأرى أنه إذا فُهِمَ ما تقدّم، ورُوعي في الفهم والتقدير كان أجدر بالإصابة.

ولا ريب أنه إذا حذف المفعول المنصوب، كما في قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ} [المسد: ٢] صح تفسير {أَغْنَى عَنْهُ} بقولك: نفعه، ولذلك


(١) (١٥/ ١٣٨ - ١٣٩ غني).