الأول: أطال الرازي في أول تفسير البقرة القول في الحروف المقطعة أوائل
السور، واختار أنها أسماء للسور، واستمر مقتضى هذا القول في أول آل عمران والأعراف ويونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر ومريم وطه، وكذا في أول سورة الشعراء والنمل والقصص.
[٦/أ] فأما أول العنكبوت فابتدأ المفسر بكلام طويل في تثبيت قول جديد حاصله أن الحروف المقطعة إنما أتي بها لتنبيه السامع، قال:"الحكيم إذا خاطب من يكون محل الغفلة ... يقدم على الكلام المقصود شيئًا غيره ليلتفت المخاطب ... وقد يكون ذلك المقدم على المقصود صوتًا غير مفهوم، كمن يصفر خلف إنسان ليتلفت إليه، وقد يكون ذلك الصوت بغير الفم كما يصفق الإنسان بيديه ليقبل السامع عليه. فنقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان يقظان الجنان لكنه إنسان يشغله شأن عن شأن، فكان يحسن من الحكيم أن يقدم على الكلام المقصود حروفًا هي كالمنبهات، ثم إن تلك الحروف إذا لم تكن بحيث يفهم معناها تكون أتم في إفادة المقصود الذي هو التنبيه ... ".
ثم قال في إعراب "الم": "قد ذكر تمام ذلك في سورة البقرة مع الوجوه المنقولة في تفسيره ونزيد هاهنا أن على ما ذكرنا في الحروف [من أنها للتنبيه] لا إعراب لها [أي الم]، لأنها جارية مجرى الأصوات المنبهة".
نقلت هذه العبارة الأخيرة من النسخة المخطوطة، وزدت الكلمات المحجوزة إيضاحًا، والعبارة في المطبوعة مغيرة تغييرًا موهمًا. وواضح أنه لا ينكر إحالة صاحب التكملة على الأصل بنحو "قد تقدم ... "، وجرى أول تفسير سورة الروم على هذا القول الجديد، وأحال على العنكبوت، وسكت