النزول معه ويقربه ويبذل جهده في إكرامه ومراعاته. ولما خرج أهل زبيد من ابن مهدي إلى عدن بذل الأديب كرامته وجاهه لأعيانهم، ومالَه وشفقتَه لضعفائهم وفقرائهم حتى دمل كَلْمهم وسدَّ ثلمهم.
وكان متى وجد من فاضل زلة مع السلطان اجتهد في العذر له عنها حتى أن أبا طالب الطرائفي قدم عدن ومدح الداعي محمد بن سبأ سنة ٥٣٦ هـ بقصيدة لأبي الصلت كان مدح بها الأفضل بن أمير الجيش أولها:
نسخت غرائب مدحك التشبيبا ... فكفى به غزلًا لنا تشبيبا
وأنا الغريب مكانه وزمانه ... فاجعل نوالك في الغريب غريبا
ولما قدم القاضي الرشيد أهدى للداعي الديوان فوجد فيه القصيدة فكتب إلى الأديب العندي أن يسير له قصيدة ابن الطرائفي فعلم الأديب أنه قد أدرك علي بن الطرائفي، وكتبها بخطه وألحقها اعتذارًا عن ابن الطرائفي من شعره
هذي صفاتك يا مكين وإن غدا ... فيها سواك مديحها مغصوبا
فاغفر لمهديها إليك فإنه ... قد زادها بشريف طيبك طيبا
وكان مُجيدَ الكتابة والإنشاء، أثنى عليه كتَّاب مصر لما يرد عليهم من مكاتباته. وله أشعار أرق من النسيم وأحلى من التسنيم. وامتحن آخر عمره بكفاف البصر، قال عمارة: حين بلغني ذلك علمت أن الزمان قد سلب بصيرته حين سلب بصره، وأن الأيام طمست بذلك جمالها وأطفأت سراج كمالها. ولما كف بصره أحياه الله بثمرة الخير الذي كان يغرسه فتضاعفت