لست أقول: إن المعلِّم رحمه الله تعالى ممن يمكن أن يختار تأويلًا يعلم ضعفه، ولكن قد لا يبعد أن تكون شدة غيرته على القرآن، وحرصه على دفع الطعن عنه، ممّا قرّب ذاك التأويل إلى فهمه.
ولذلك نظائر لا تنكر، فإننا نجد في علماء المذاهب الفقهية جماعة من الأكابر لا يُرتاب في علمهم ودينهم وورعهم، ومع ذلك ترى في انتصارهم لمذاهبهم العجب العجاب. فأما المتكلمون في العقائد فشأنهم أوضح.
فإن قلت: أما المعلِّم رحمه الله تعالى ففي كلامه ما يرد هذه التهمة، فإنه وإن أنكر رمي الطير، فقد أثبت ما هو أعظم، وهو الرمي من السماء.
قلت: أنا لم أجزم باتهامه رحمه الله، وإنما مقصودي تحذير أهل العلم من التساهل في هذا المعنى. على أنه قد يقال: يمكن أن يكون رأى إثبات الرمي من السماء أخفَّ من إثبات رمي الطير؛ لأنه إذا أثبت رمي الطير كان منصوصًا بالقرآن، فالمنكرون له يطعنون في القرآن. وأما الرمي من السماء فإنما [ص ٦٦] قاله المعلِّم رحمه الله برأيه، وليس منصوصًا في القرآن؛ علمًا أن منكري الخوارق لا ينكرون أن تمطر السماء رملًا وحجارةً، وهو عندهم أمر عادي، ففي "دائرة المعارف" للبستاني تحت عنوان "الشهب الساقطة أي النيازك" ما لفظه: