للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون ذلك بعد تمام الغلبة على الحبشة واستقامة الأمر. فيؤخذ منه تقدم الحملة قبل ذلك بسنة أو سنتين. وقضية هذا، مع القول بأن يكسوم ومسروقًا ملكا مدّةً لها قدر، أن تكون واقعة الفيل قبل المولد بمدة لها قدر.

وفي "دائرة المعارف الإسلامية" من مقالة لبعض كتاب الإفرنج: "وعام هذا الحادث الذي يعرف بعام الفيل ... هو عام (٥٧٠ م)، كما تقول المصادر المتأخرة. ويعتبر هذا العام في العادة عام مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن نُلدِكه قد اعترض بحقٍّ على ما تقدّم؛ لأننا إذا قبلنا ذلك لما كانت هناك بين حملة أبرهة على مكة وغزو الفرس للبلاد العرب الجنوبية (اليمن) عام ٥٧٠ م فسحة من الوقت يحكم فيها أبرهة وأولاده" (١).

والمقصود هنا أن الذين أدركوا الواقعة وكانوا بحيث يقع منهم في العادة أن يقاتلوا برمي ونحوه لم يبق منهم عند نزول السورة إلا قليل في حال الشيخوخة. وغالب الموجودين عند نزول السورة ممن لم يدرك الواقعة، أو أدركها صغيرًا، فكيف يصح خطاب كل واحد من الموجودين بنسبة الرمي إليه؟

[ص ٤٩] فإن قيل: يمكن أن يحمل قوله: {تَرْمِيهِمْ} على معنى: يرميهم قومك، فقد خاطب الله تعالى اليهود بعد بعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ... وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ


(١) دائرة المعارف الإسلامية (١/ ٦٢). [المؤلف].