للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (٨١) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [يوسف: ٨١ ــ ٨٢]. فإنه لا داعي ههنا إلى أن يحمل قولهم على سؤال عرصة القرية وجدرانها، لأن سؤال الناس يكفي، بل لو قالوا: سل العرصة والجدران، لقد يكون ذلك موهمًا أنهم لا يثقون بأن يشهد لهم أهل القرية، ولكان هذا مما يريب في صدقهم، وذلك خلاف مقصودهم.

وليس الأمر في سورة الفيل كذلك، فإن القرآن يثبت لله عزَّ وجلَّ القدرة على كل شيء، ويقصّ كثيرًا من الخوارق، كقلب العصا حيَّةً (١)، وفلق البحر حتى كان كل فرق منه كالطود العظيم (٢)، وإنباع اثنتي عشرة عينًا من حجر يضربه عصا (٣)، وحمل المرأة وولادتها بدون أن يمسّها بشر (٤)، وإحياء الموتى (٥)، وأمثال ذلك. والعرب كانوا يؤمنون بقدرة الله عزَّ وجلَّ وبالخوارق، ويرون الواقعة منها كما تقدم في أشعارهم.

[ص ٥٢] والواقعة تناسب الخارقة، فإنّ جبّارًا ساق جيشًا عظيمًا ليهدم أعظم بيت لله عزَّ وجلَّ في أرضه، وكان جيشه أكثر من أنصار ذلك البيت بأضعاف مضاعفة في العَدد والعُدد. وأراد الله عزَّ وجلَّ آية تزجره فلم ينزجر،


(١) سورة طه (٢٠/ ٢٠). [المؤلف].
(٢) سورة الشعراء (٢٦/ ٦٣). [المؤلف].
(٣) سورة البقرة (٢/ ٦٠). [المؤلف].
(٤) سورة مريم (١٩/ ١٦ - ٣٣). وفيها الكلام في المهد وغيره من الآيات. [المؤلف].
(٥) سورة البقرة (٥٥ - ٥٦ و ٧٢ - ٧٣ و ٢٤٢ و ٢٥٩ - ٢٦٠). سورة آل عمران (٣/ ٤٩). سورة المائدة (٥/ ١١٠). وفيها خلق الطير وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من الآيات. [المؤلف].