المعدّى بـ (على) العذاب، وقد تقدم بيان ذلك (١)، فيفهم أن الطير أرسلت لعذابهم، فيقع في نفسه السؤال عما فعلت بهم الطير. فكيف يسأل عما فعلت بهم الطير، فيجاب بقوله:"رميتهم أنت" أو "كنت ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول"؟ ليس الشمس رابعة النهار أنه لو كان هنا استئناف بياني لوجب أن يكون المعنى:"ترميهم تلك الطير" ليكون جوابًا للسؤال المذكور؟ وإن كان ذلك ضعيفًا من وجه آخر، كما تقدّم في تفسير السورة.
فإن قيل: المعلِّم رحمه الله يرى أن إرسال الطير كان لأكل جثث الهلكى، ويرى أن قوله تعالى:{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} يُشعر بذلك على ما جرت به العادة من تحليق الطير على رؤوس الجيش. وإذا فهم السامع ذلك أوشك أن يسأل:"وكيف هلكوا؟ "، فيجاب بقوله:"كنت ترميهم ... ".
قلت: قد تقدم إبطال إشعار الآية بأكل الطير للجثث. وحسبك في إبطاله أنه لم يشعر بذلك أحد من الناس منذ نزلت. [ص ٦١] ولو شئت لحلفت بين الركن والمقام أن المعلِّم رحمه الله لم يشعر بذلك منها، وإنما كسعها به لاستبعاده رمي الطير، وقد تقدّم ما فيه. والاستئناف إنما يصلح حيث كان السؤال مما يشعر به كل سامع متفهم.
وعلى فرض توقع السؤال المذكور فممّن؟ أمن الذين رموا؟ كلّا، أم من غيرهم؟ فكيف يصح أن يجاب بقوله:"كنت ترميهم".