للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدركني [ص ٤١] النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأدركته لأخذ بكثير من قولي، وهل الدين إلا الرأي الحسن".

ذكر الأستاذ هذا (ص ٨٥). وهذه الكلمة "لو أدركني ... " لها تأويل قريب ذكرته في "التنكيل" (١) ولم يقع عليه الحنفية بل ذهبوا يتعسَّفون، فروى عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي: حدثني أبو طالب سعيد بن محمد بن أبان البرذعي في مسجد أبي الحسن الكرخي ببغداد حدثني أبو جعفر ... الطحاوي أبنا بكَّار بن قتيبة أبنا هلال بن يحيى الرأي البصري، سمعت يوسف بن خالد السمتي ... " فذكر قصةً طويلة فيها عجائب، تراها في "مناقب أبي حنيفة" للموفق المكي (٢/ ١٠١ - ١٠٩)، وقد أشرت إلى بعضها في "التنكيل".

وهذه الحكاية لا يشكُّ عارفٌ في أنها مكذوبة على الطحاوي، فعبد الله بن محمد ترجمته في "لسان الميزان" (٣/ ٣٤٨) (٢). وشيخه لا يُعْرَف، وإنما ذكره صاحب "الجواهر المضيئة" (٣) بما تضمَّنته هذه الحكاية، فلم يُسْمَع به إلا فيها، ويغلب على الظن أنه لا يوجد منه إلا اسمه، ولو كان للقصة أثر عند الطحاوي لما فاتت ابن أبي العوَّام. ومن تدبَّر القصة لم يشك في اختلاقها، وفيها: "لو أدركني البَتِّي لترك كثيرًا من قوله" مع أنه يعلم منها ومن غيرها أن البتِّي وهو عثمان بن مسلم البصري الفقيه كان يومئذ حيًّا يرزق!

وذكر الأستاذ (ص ١١٣) ما رُوي عن "حمَّاد بن زيد قال: ذُكِر أبو حنيفة


(١) ترجمة رقم (١٥٨).
(٢) (٤/ ٥٧٩ - ٥٨٠).
(٣) (٢/ ٢٢٤).