عند البتّي فقال: ذاك رجل أخطأ عصم دينه كيف يكون حاله؟ ". ثم قال الأستاذ: "عثمان بن مسلم البتّي ... توفي سنة ١٤٣ ... وكانت تجري بينه وبين أبي حنيفة مراسلات ... وكان [ص ٤٢] يوسف بن خالد السمتي بعد أن تفقه على أبي حنيفة رجع إلى البصرة وأخذ يجابه البتي ... ".
وفي تلك الأخلوقة أن أبا حنيفة قال: "لو أدركني البتي ... " أول ما اجتمع به يوسف بن خالد. فمن تدبَّر علم أن تلك الأخلوقة المنسوبة إلى يوسف بن خالد إنما اختُلِقت لما شاعت حكاية يوسف بن أسباط، فأراد المختلقُ علاجَها فوقع فيما وقع فيه، ثم أن الأستاذ لم يقتصر على ما قيل قبله من دعوى التصحيف في "النبي" بل زاد أمرين:
الأول: أنه على فرض أن أبا حنيفة قال تلك الكلمة بلفظ "النبي" فقوله: "لأخذ" المراد به "لأخذني".
الثاني: أنه رأى أن مَن تقدَّمه لم يتعرَّضوا لما وقع في إحدى الروايات: "وهل الدّين إلا الرأي الحسن" فقال الأستاذ (ص ٨٨): "فلا أشك أن "الدين" مصحف من "أرى ... "" وذهب يوجِّه احتمال العادة بمثل ذلك.
وهذا موضع الاعتبار، بينما ترى الأستاذ يصنع ما تقدم في الأمثلة، فيغضّ النظر عن التصحيف الواضح والخطأ المكشوف؛ إذا به يحاول دعوى التصحيف التي لا يشك في بطلانها، ولا عجب في ذلك إذ مغزى الأستاذ إنما هو الانتصار لهواه. وقد قدمت أن لتلك الكلمة المنقولة عن أبي حنيفة تأويلًا قريبًا بدون دعوى التصحيف ولا التحريف، وستجده في "التنكيل" (١) إن شاء الله تعالى.