فدلّ بما ذكرنا من هذه الآي أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول، وأن شهادة غير العدل مردودة.
والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه، فقد يجتمعان في أعظم معانيهما، إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم، كما أن شهادته مردودة عند جميعهم".
فالمبتدع الذي يتضح عناده إما كافر، وإما فاسق، والذي لم يتضح عناده ولكنه حقيق بأن يتهم بذلك هو في معنى الفاسق؛ لأنه مع سوء حاله لا تثبت عدالته، والداعية الذي الكلام فيه واحدٌ من هذين ولا بدّ.
[ص ٣٠] قد عَرَّف أهلُ العلم العدالة بأنها: "مَلَكَة تمنع عن اقتراف الكبائر وصغائر الخسة ... "، زاد التقي السبكي: "وهوى النفس". وقال: "لا بدّ منه، فإن المتقي للكبائر وصغائر الخسة مع الرذائل المباحة قد يتبع هواه عند وجوده لشيء منها فيرتكبه، ولا عدالة لمن هو بهذه الصفة".
نقله المحليُّ في "شرح جمع الجوامع" (١) لابن السبكي، ثم ذكر أنه
(١) (٢/ ١٤٨ - ١٥٠ - مع حاشية البناني) وأشار المحلّي إلى أن هذه الزيادة موجودة في بعض نسخ "جمع الجوامع"، وهي مأخوذة من والده تقي الدين السبكي. وهي ثابتة في نسخة الأصل لشرح ابن حلولو. "الضياء اللامع": (٢/ ٢١٦ - ٢١٨).